2024/11/19
كاردونا بلدة صغيرة تقع في إقليم كتالونيا شمال برشلونة، وهي واحدة من أهم الوجهات التاريخية والثقافية في المنطقة. تشتهر البلدة بقلعتها التي تعود إلى العصور الوسطى، وبأسطورة مثيرة تدور حول تاريخها الغني.
تقع كاردونا على بعد حوالي 90 كيلومتراً من برشلونة، وتتميز بموقع استراتيجي على ضفاف نهر كاردونير. نشأت البلدة في العصر الروماني، لكنها ازدهرت في العصور الوسطى بفضل مناجم الملح الغنية المحيطة بها.
مناجم الملح في كاردونا، المعروفة بـ جبل الملح، كانت تُعتبر أحد أهم مصادر الثروة للمنطقة، وكانت تُعرف باسم “الذهب الأبيض”.
قلعة كاردونا تعد (Castell de Cardona) من أبرز معالم البلدة، وهي واحدة من أفضل القلاع المحصنة في أوروبا. بنيت القلعة في القرن التاسع الميلادي على تلة تطل على البلدة، وكانت مقراً لعائلة كاردونا، التي كانت من أقوى العائلات في مملكة أراغون. القلعة ليست فقط تحفة معمارية، بل لعبت دوراً حاسماً في الدفاع عن المنطقة خلال الحروب الكتالونية ضد القشتاليين.
أسطورة القلعة والأميرة “مينيرفا”
يزعم بعض الزوار أنهم شعروا بوجود غامض أو سمعوا همسات خفيفة عند التجول في القلعة ليلاً
قلعة كاردونا ليست مجرد موقع تاريخي، بل هي مسرح لإحدى أكثر القصص الرومانسية إثارة وغموضاً في كتالونيا، وهي أسطورة الأميرة مينيرفا. هذه الأسطورة تضفي على القلعة طابعاً خاصاً يجذب الزوار، خاصة أولئك المهتمين بالقصص التاريخية والحب المأساوي.
تدور الأسطورة حول الأميرة مينيرفا، ابنة أحد الأمراء المسيحيين الذين حكموا القلعة خلال العصور الوسطى. وفقاً للقصة، وقعت الأميرة في حب شاب مسلم يُدعى عبد الله، كان أحد أسرى الحرب في القلعة. على الرغم من الحواجز الثقافية والدينية التي كانت تفصل بينهما، نما حبهما في السر.
لكن هذا الحب كان ممنوعاً وغير مقبول في مجتمع ذلك الزمن. عندما اكتشف والد الأميرة العلاقة، اشتاط غضباً وقرر معاقبتهما. يُقال إنه أمر بسجن الحبيبين في برج القلعة، حيث لم يكن بإمكانهما اللقاء أو التواصل إلا عبر الجدران.
تقول الأسطورة إن الأميرة مينيرفا ماتت حزنًا على فراق حبيبها عبد الله، حيث لم يتحمل قلبها ألم الانفصال والقيود التي فرضتها عليها عائلتها. أما مصير عبد الله، فظل غامضاً، لكنه يُعتقد أنه انتهى بنفس الطريقة المأساوية، حيث قيل إنه مات حزناً على حبيبته.
في نسخ أخرى من الأسطورة، تأتي رواية أكثر غموضاً، يُقال إن الأميرة هربت مع عبد الله في ليلة مقمرة. شاهد بعض سكان البلدة الحبيبين يمتطيان حصاناً أبيض غريباً يعدو بسرعة مذهلة، يطاردهما فرسان والد الأميرة، الذين لم يتمكنوا من اللحاق بهما. الحصان، وكأنه يملك جناحين، استمر في الجري حتى اختفى مع الحبيبين في السماء، حيث غابا خلف ضوء القمر.
يزعم بعض الزوار أنهم شعروا بوجود غامض أو سمعوا همسات خفيفة عند التجول في القلعة ليلاً، مما يعزز من غموض القصة. هذا الجانب الأسطوري يجعل القلعة وجهة مثالية لمحبي القصص الغامضة والتاريخية.
تجسد أسطورة الأميرة مينيرفا الصراع الأبدي بين الحب والمجتمع، وهي رمز للتضحية والرومانسية. اليوم، تُعتبر القلعة بمثابة موقع تاريخي وسياحي رئيسي في كتالونيا، حيث يزورها الناس لاستكشاف ماضيها ومعرفة المزيد عن هذه القصة المأساوية.
معالم أخرى في كاردونا
- جبل الملح: يُعتبر من أبرز المعالم الجيولوجية في أوروبا، حيث يمكن للزوار التجول داخله واستكشاف الكهوف الغنية بالبلورات.
- الكنائس التاريخية: مثل كنيسة القديس فيسنتي، التي تُعتبر مثالاً رائعاً للعمارة الرومانية.
- المدينة القديمة: تضم شوارع ضيقة وساحات جميلة تعكس الطابع الكتالوني التقليدي.
الأنشطة السياحية
- زيارة القلعة واستكشاف غرفها وأبراجها التي تُطل على مناظر بانورامية خلابة.
- القيام بجولات داخل مناجم الملح والتعرف على تاريخ استخراج الملح في المنطقة.
- الاستمتاع بالمهرجانات المحلية، مثل مهرجان سان خوان، الذي يُقام في الصيف.
أهمية كاردونا اليوم
تمثل كاردونا مزيجاً من التاريخ والطبيعة والثقافة. بفضل جهود الحفظ والترميم، تُعتبر القلعة اليوم فندقاً (بارادور) ومعلماً سياحياً رئيسياً، مما يجعلها وجهة مثالية لعشاق التاريخ والرومانسية.
إذا كنت تبحث عن مكان يمزج بين الغموض التاريخي والجمال الطبيعي، فإن كاردونا وقلعتها هي وجهة لا تُنسى.
المصدر: كتالونيا بالعربي
