2025/01/30
مع بداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتجه الأنظار نحو سياساته الاقتصادية المتوقعة وتأثيرها المحتمل على العلاقات التجارية بين كتالونيا والولايات المتحدة.
ومع تصاعد التوجهات الحمائية في السياسة الأمريكية، تثار تساؤلات حول كيفية تأثير هذه السياسات على الاقتصاد الكتالوني الذي يعتمد على التصدير بشكل كبير، وبالأخص على تصدير منتجات مثل الآلات ومستحضرات التجميل إلى الولايات المتحدة، إذ بلغت صادرات كتالونيا إلى أمريكا 3.64 مليار يورو في عام 2023 ومن المتوقع أن تكون الصادرات أعلى في 2024 وفقا للبيانات المتأتية والتي لم يتم حصرها كاملة بعد، علما ان الواردات ايضا كانت مرتفعة اذ بلغت نحو 5 مليار يورو، والتي تضاعفت منذ جائحة كوفيد، ومازلت مستمرة في الارتفاع إلى الآن، خصوصا مع الحرب الأوكرانية وأزمة ارتفاع أسعار الطاقة.
في جميع الأحوال، تعكس هذه الأرقام أهمية السوق الأمريكية بالنسبة للشركات الكتالونية، ما يجعل أي تغييرات في السياسات التجارية الأمريكية ذات تأثير مباشر على النمو الاقتصادي للإقليم.

التعريفات الجمركية وأثرها المحتمل
خلال ولايته الأولى، فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25% على الصلب الأوروبي و10% على الألومنيوم، مما أثّر على العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا.
وفي عام 2019، فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية بنسبة 25% على صادرات المنتجات الزراعية الإسبانية، مثل زيت الزيتون والنبيذ، مما أدى إلى انخفاض كبير في المبيعات الإسبانية إلى الولايات المتحدة.
في ولايته الثانية، يقترح ترامب تطبيق تعريفات جمركية عامة على جميع المنتجات الأوروبية، بهدف تعزيز الإنتاج الوطني وإعادة الصناعات إلى الولايات المتحدة. قد يؤدي ذلك إلى زيادة تكاليف التصدير للشركات الكتالونية، مما يؤثر سلبًا على تنافسيتها في السوق الأمريكية. ووفقًا لتقديرات منظمة التجارة العالمية، فإن التعريفات الجمركية الأمريكية قد تؤدي إلى انخفاض التجارة العالمية بنسبة 1.4% سنويًا، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على الاقتصادات المرتبطة بالولايات المتحدة.
تأثير محتمل على الاقتصاد الكتالوني
وفقًا لتقرير صادر عن وكالة “أكسيون” (ACCIÓ)، المختصة بترويج الأعمال في كتالونيا، فإن السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الكتالوني. ومن المتوقع أن تؤدي هذه السياسات إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لكتالونيا بنحو 0.2 نقطة مئوية.
إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الدولار الأمريكي، الذي يُعد أحد نتائج هذه السياسات، قد يزيد من أعباء الشركات الكتالونية التي تعتمد على استيراد المواد الخام بالعملة الأمريكية، حيث تشكل واردات الوقود من الولايات المتحدة ما يقارب 30% من إجمالي ورادات كتالونيا من الولايات المتحدة. هذه الزيادة في تكاليف الاستيراد قد تؤدي بدورها إلى ارتفاع أسعار المنتجات النهائية، مما يقلل من القدرة التنافسية للشركات الكتالونية في الأسواق العالمية. وبالتالي، فإن هذه التطورات قد تشكل تحديًا إضافيًا للاقتصاد الكتالوني، الذي يواجه بالفعل العديد من الضغوط الاقتصادية والسياسية. ومن المتوقع أن تكون القطاعات الكتالونية التالية الأكثر تأثرا بالحرب التجارية مع أمريكا:
- صناعة الآلات ومستحضرات التجميل، حيث يعتمد العديد من المصنعين الكتالونيين على السوق الأمريكية لتصريف منتجاتهم.
- قطاع الزراعة والغذاء: تأثرت الشركات الزراعية الإسبانية سابقًا بالتعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على زيت الزيتون، مما أدى إلى انخفاض صادرات إسبانيا منه إلى الولايات المتحدة بنسبة 60% بين عامي 2019 و2021. وفي حال تكرار هذه السياسات، قد تتضرر صادرات كتالونيا من المنتجات الغذائية، مما يفرض تحديات كبيرة على المنتجين المحليين.
- قطاع السيارات: تعتمد الشركات الكتالونية مثل “سيات” على تصدير قطع الغيار إلى السوق الأمريكية. ومع ارتفاع الرسوم الجمركية المحتملة، قد تواجه هذه الشركات ارتفاعًا في التكاليف، مما قد يدفعها للبحث عن أسواق بديلة أو نقل بعض عملياتها الإنتاجية إلى أمريكا وتاليا الضغط على سوق التوظيف الداخلي.
استراتيجيات التكيف والتخفيف
لمواجهة هذه التحديات المحتملة، يمكن أن تتخذ الشركات الكتالونية تدابير استباقية لتقليل نقاط الضعف. قد يشمل ذلك:
- تنويع الأسواق المستهدفة: البحث عن شركاء تجاريين جدد في أمريكا اللاتينية وآسيا، كتوسيع العلاقات التجارية مع المكسيك والبرازيل.
- الاعتماد على الإنتاج المحلي: محاولة تقليل الاعتماد على المواد المستوردة بالدولار.
- التحول إلى التجارة الإلكترونية: زيادة التركيز على المبيعات عبر الإنترنت لتجاوز بعض العوائق الجمركية التقليدية.
- نقل بعض عمليات الإنتاج إلى الولايات المتحدة: للاستفادة من السياسات الحمائية والحوافز الضريبية. يشير كارليس أسيدو، الرئيس التنفيذي لشركة “Gesame” الكتالونية الواقعة في VIC شمال كتالونيا، إلى أن شركته قد تفكر في نقل جزء من خط الإنتاج إلى الولايات المتحدة لتجنب التأثير السلبي للتعريفات الجمركية.

دور الاتحاد الأوروبي في المفاوضات التجارية
يمكن أن تشكل سياسات ترامب فرصة للاتحاد الأوروبي لتعزيز وحدته والتفاوض بشكل جماعي مع الولايات المتحدة. من خلال تقديم تنازلات متبادلة، يمكن تجنب المواجهة المباشرة وتقليل التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأوروبي والكتالوني.
كما أن الاتحاد الأوروبي يعمل بالفعل على توسيع نطاق شراكاته التجارية مع دول مثل المكسيك والهند وجنوب شرق آسيا، مما قد يساعد الشركات الأوروبية في تعويض خسائر السوق الأمريكية. وتشير تقارير المفوضية الأوروبية إلى أن توقيع اتفاقيات جديدة، وتحديث اتفاقية التجارة الحرة مع المكسيك، قد يعزز صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الأسواق الناشئة.
بينما تسعى سياسات ترامب الحمائية إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي، فإنها قد تفرض تحديات كبيرة على الشركاء التجاريين، بما في ذلك كتالونيا. لكن ومن خلال التخطيط الاستراتيجي والتكيف مع الظروف المتغيرة، يمكن للشركات الكتالونية تقليل التأثيرات السلبية المحتملة والحفاظ على تنافسيتها في الأسواق العالمية. من جهة أخرى، قد تكون هناك فرص لبعض القطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، حيث تزداد الحاجة إلى الابتكار والاستثمار في حلول جديدة لتعويض الخسائر التجارية. لذلك، يبقى التعاون مع الأسواق البديلة واستغلال الفرص الجديدة عنصرًا أساسيًا في مواجهة السياسات الاقتصادية المتغيرة.
المصادر
- Cinco Días (El País)
- Huffington Post España
- World Trade Organization (WTO)
- European Commission
- وكالة “أكسيون” (ACCIÓ) لترويج الأعمال في كتالونيا








