2023/07/18
- لأن ذاكرة الناس في اسبانيا كما في كل مكان، قصيرة، يعود الصوت المتطرف ليقرع أبواب الحكومات والبرلمانات الأوربية.
بعد وفاة فرانكو الديكتاتور الإسباني، في عام 1975 تبنت إسبانيا دستورًا جديدًا ونظامًا انتخابيًا يهدف إلى ضمان قدر أكبر من الحرية للأقاليم الإسبانية وتعزيز الوحدة الوطنية، ومنع الصراعات الانفصالية، التي اشتعلت بسبب حرب أهلية وحشية بين عامي 1936 و 1939، انتهت بتولي فرانكو السلطة حتى وفاته في 1975.
ضم النظام الانتخابي الجديد كلا من مجلس الشيوخ، والبرلمان الذي يتألف من 350 عضوا. يمثل البرلمان السلطة التشريعية في إسبانيا ويمتلك سلطة سن القوانين وتعديلها كما له سلطة تنقيح الدستور وتنصيب وعزل رئيس الحكومة.
هذا التقسيم اعطى دفعة من الاستقرار للبلد الذي يضم قوميات ولغات مختلفة، في حين جلب هذا التقسيم الاستقرار إلى بلد يضم قوميات ولغات متنوعة، فقد أدى إلى نظام يعطي صوت الأحزاب السياسية الأولوية على التمثيل الفردي.
تلوح في الأفق الاسباني بوادر تشكيل حكومة مشتركة، ووفقا لاستطلاعات الراي الحالية، ستضم كلا من حزب الشعب اليميني وحزب فوكس اليميني المتطرف، وهو ثالث أكبر حزب في إسبانيا
في إسبانيا ، وكذلك في جميع أنحاء أوروبا ، هناك اتجاه متزايد للناخبين الذين يميلون إلى اليمين. هؤلاء الفاعلون السياسيون الجدد، أو القادمون الجدد، لم يكن لهم وجود قوي ومؤثر في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى وقت قريب.
وتظهر استطلاعات الرأي في أوروبا ونتائج الانتخابات الأخيرة، أنهم باتوا يمثلون صوتا جذابا، لا لأصحاب الأعمال ذوي الاصوات الأثقل، بل للفئات العاملة وحتى الفقيرة منها.
حتى سنوات خلت وبشكل عام، ظلت معظم الأحزاب اليمينية المتطرفة خارج الحكومات الأوربية، ولم يواجهوا امتحانات الوقت في أعين الناخبين وخيانة برامجهم الانتخابية والوعود التي جاؤوا بها الى السلطة كما يحدث مع الاحزاب الاخرى. ولان الشعب والناس والبشر منذ الاف السنين يبحثون عن حلول جديدة، يبدو اليمين المتطرف الاسباني اقرب الى تشكيل حكومة اكثر من اي وقت مضى، لا لم تقدم فقط، بل لانهم يخاطبون الجمهور بصوت واحد، يبتعد عن الساسة التقليديين والخطابات المناسبة اخلاقيا، يتحدثون عن وجع الناس وجيوبهم وهمومهم بكل فجاجة ممكنة.
وفي حين اثبتت الحكومات والنيولبرارية الجديدة عجزها عن الوفاء بوعودها، وارتباطها باقتصاد عالمي قاسي يطحن قرارتها المقيدة كما الجميع لخدمة فردانية الراسمالية الشديدة، على الشعب الاوربي والحكومات الاوربية ان تنتظر وصول اليمين الأقصى لنرى كيف سيحققُ جوع الناس لدولة الرفاه والاقتصاد القوي.
قد لا يدعم بعض الناخبين بشكل كامل أجندات بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة. ومع ذلك ، قد يختارون التصويت لهذه الأحزاب كوسيلة لمساءلة الحكومة الحالية.
وفي حين تختصر الوثائقيات والأخبار المتعلقة “بالمعضلة الكتالونية” المسالة الى ثقافة وكيان ولغة، تهمل معظمها السؤال البشري الأقدم: أين هي أموالي؟
فالغبن الذي تشعر به النخبة والناس العاديون في عموم كتالونيا معظمه يرجع إلى عدم حصولهم على خدمات كافية مقابلة مساهمتهم في الاقتصاد الاسباني، فأمام اتجاه أوروبا نحو مؤسسة أكبر عابرة للدول بعملة واحدة، برلمان وبنك اوروبي وحدود جمركية صفرية، وربما جيش موحد، تبدو فكرة القومية الإقليمية والخصوصية الثقافية عقبات يمكن تجاوزها.
“المعضلة الكتالونية” هي مشكلة أسبانيا ككل ونظام متهالك للحكم، رجعي ومتحجر، يرفض منح الإقليم مكافئ عادلا لمساهمته الاقتصادية في الدولة، بل حتى الجلوس إلى طاولة مفاوضات، واحزابٍ كتالونية تفضل دخول حروب فيما بينهما عشرات المرات على الجلوس إلى طاولة واحدة والتحدث بصوت واحد.
ولأن ذاكرة الناس في اسبانيا كما في كل مكان، قصيرة، يعود الصوت المتطرف ليقرع أبواب الحكومات والبرلمانات الأوربية.
فيما يلي نستعرض اخر استطلاعات الرأي في اسبانيا وتخبط الاحزاب الكتالونية التي تريد قطعة من الحكومة الجديدة دون تقديم اي تنازلات وتفاهمات فيما بينها:
استطلاعات الرأي في اسبانيا
وفقا للعديد من استطلاعات الرأي سيفوز حزب الشعب المحافظ في الانتخابات الإسبانية يوم 23 يوليو المقبل، قبل أسبوع واحد فقط من التصويت يوم الأحد.
ويأمل الحزب في العودة للحكم بعد خمس سنوات من الإطاحة به في 2018 في تصويت بحجب الثقة في أعقاب فضيحة فساد. وبينما كان حزب الشعب يحكم في الماضي بأغلبية مطلقة، تتوقع استطلاعات الرأي أن الحزب سيحتاج إلى دعم من قوى أخرى، مثل حزب فوكس اليميني المتطرف.
نشرت صحيفة El Periódico الإسبانية استبيانًا يوم الاثنين أمس أظهر حصول حزب الشعب على 126-130 مقعدًا متجاوزًا مقاعد الاشتراكيين 104-108، يليه Vox اليميني المتطرف 44-48 مقعدًا، والسومار اليساري المناهض للتقشف 37-40. مع هذه النتائج، فإن الحزبين اليمينيين ، PP و Vox ، يستطيعان تشكيل حكومة إذا شكلوا ائتلافًا
وبالمثل، تتوقع استطلاع صحيفة La Razón اليومية أن يحصل PP على ما بين 153-156 مقعدًا و Vox 26-28 مع حصول كلا الحزبين على غالبية المقاعد. في هذه الأثناء ، لن يصل اليسار إلى الأغلبية حتى مع دعم جميع الأحزاب الأخرى في المجلس، من الأحزاب الكاتالونية المؤيدة للاستقلال إلى القوى الإقليمية الأخرى.
في الانتخابات الأخيرة ، فاز الاشتراكيون بـ 120 مقعدًا، تلاهم حزب الشعب المحافظ بـ89 مقعدًا، و 52 مقعدًا لـ Vox ، بينما حصل حزب Unidas Podemos ، المناهض للتقشف قبل ظهور سومار مؤخرًا، على 35 مقعدًا.
عدم اليقين بالنسبة للأحزاب الكتالونية المؤيدة للاستقلال
في حين أن الاشتراكي بيدرو سانشيز وألبرتو نونيز فيجو من حزب PP هما المتنافسان الرئيسيان على منصب رئيس الوزراء القادم لإسبانيا، يمكن للأحزاب الكتالونية المؤيدة للاستقلال أن تلعب دورًا رئيسيًا إذا فشلت الأحزاب اليمينية في تحقيق الأغلبية.
لكن هذا لا يبدو ممكنا حتى هذه اللحظة، ففي حين أيدت Esquerra Republicana محاولة سانشيز لرئاسة الوزراء في عام 2020 ، لم يفعل Junts ذلك. وبعد ثلاث سنوات، ما زال يتنافس كلا الحزبين ضد بعضهما البعض ليكونا القوة المؤيدة للاستقلال الأكثر تصويتًا.
توقعت استطلاعات RTVE أن تحصل ERC على 1.43٪ من الأصوات بينما سيحصل Junts على 1.27٪. هذا جعلهم يتعادلون في 8 مقاعد، مع خسارة Esquerra لخمس مقاعد من أصل 13 كانت لديهم.
تتوقع صحيفة El País الإسبانية أن 2.1٪ من الناخبين يعتزمون التصويت لصالح Junts و 1.5٪ لـ Esquerra وأن يحصل ERC على مقاعد أكثر نحو 9 مقاعد.
يعتزم حوالي 0.6 ٪ من الناخبين التصويت لصالح حزب CUP اليساري المتطرف المؤيد للاستقلال وفقًا لـ El País ، بينما تتوقع RTVE أن يخسر الحزب واحدًا من نائبيه الحاليين. نفس النتيجة توقعتها صحيفة لا رازون.
وسيكون حزب سومار اليساري ثالث أكثر الأحزاب تصويتًا بحصوله على 14.9٪ من الأصوات ، بينما سيحصل حزب Vox اليميني المتطرف على 11.8٪.
استجوب الاستطلاع 8798 شخصًا بين 10 و 12 يوليو ، بعد المناظرة الفردية بين المرشح الاشتراكي بيدرو سانشيز والمحافظ ألبرتو نونيز فيخو.
المصدر: كتالونيا بالعربي








